NadorCity.Com
-
الخضر الورياشي يكتب: شاعرُ الحلزون
بقليم الخضر التهامي الورياشي


أنا متأكدٌ أنني لو ادَّعَيْتُ أني شاعرٌ، وأخبرتُ أصدقائي الأدباء بذلك، لصدقوني، وقدَّموني في أنشطتهم، ودعوْني إلى الاحتفال معهم باليوم العالمي للشعر... أنا متأكدٌ من هذا...

يكفي أن ألفق كلاماً، وأزعُمَ أنه من وحي آلهة الأولمب، أو شياطين عبقر، أو عرائس الجن، أو حتى حوريات البحر أو النهر، ثم أصعدُ إلى المنصَّةِ، وألوح بيديَّ، وأتلو كلاماً غامضاً، أنسبُه إلى الحداثة العالمية أو الهايكو الياباني، فالعالمُ أصبح قرية صغيرةً، والشعر صار مضغةً يسيرةً.

لا تصدقوني.. حسناً اسمعوا منّي هذه القصيدةَ:

كَبْشٌ نبتَ له جناحان
نفَخَ في قَرْنيْهِ
فتصاعدت ألحانٌ في السماء
أضاءت نجومٌ.. برْقُ ورعْدٌ
سالَ دمُ الإنسانِ
أسْرى الكبشُ في الكون
وبلغ سدرة المنتهى.

إنَّ هذه القصيدةَ تتحدثُ عن الميثولوجيا، وتنتصر للحيوان باعتباره أخو الإنسان من الناحية البيولوجية، وقد ظلمتْهُ الجيولوجيا، حيث إن علماء الأنثروبولوجيا يؤكدون أن القصيدة إذا حللناها سيميائيّاً نجد أنها تنتمي إلى ما بعد الحداثة الشعرية، وهي تجمع بين الواقعية السحرية والسوريالية والدادائية، وهي تخدم قضايا الوجود من الناحية السيكولوجية والديداكتيكية... وفيها يتجلَّى الوهْمُ وانعدام الحقيقة..

يقول "جون بورغوس" في كتابه: نحو شعرية للمتخيل: (بمقدار ما يعهد إلى كل واحد حقل التقصي والبحث الذي هو له، فإنَّ تفكيراً في الصورةِ يُبشِّرُ لنظرية في كتابة المتخيل، وبشكل أحسن لفكِّ قوى هذا المتخيل في الأثر الأدبي داخل النص...)

وأُحيلُكم إلى كتاب الدكتور "عاجل بن فلان" الذي جاء بعنوان: (أجنحة الخيال في شعر الفراشات والديناصورات)...!

أقول هذا الكلام، وأنا أبتسم، وأطلب من الحاضرات والحاضرين أن يصفِّقوا، ويصفقون فعْلاً.

وحين ينتهي التصفيق، أتجرّأ، وأعلن لهم أني أحمل في جيبي قصيدة هايكو، أبحث في هذا الجيب وفي الجيب الآخر، ولا أجدها في جيوب البذلة، وأجدها في الجيب الخلفي للسروال، وأَفْردُ الورقة الصغيرة، وأتلو:

يا لضياءِ الشروق
فوق الأجساد العارية
يَدِبُّ الحلزون

وأسمعُ تصفيقاً، وأعودُ إلى كرسيي مع زملائي المبدعين، ويتابعُ الأستاذُ الدكتور المسيِّرُ حديثَه عنّي، مُنَوِّهاً بشاعريَّتي، ويمْدَحُ كبْشي وحلزوني...!


---
تعليق جديد






لتصفح الموقع بنسخته الكاملة اضغط على الويب