NadorCity.Com
-
الكاتب الحسن بلعربي في حوار: الناظور هي الأم التي لن يعوضها أحد مهما رحلتُ وارتحلتُ
ناظورسيتي -متابعة

أجرت صحيفة "العربي اليوم" حوارا مع الكاتب المغربي الحسن بلعربي، ابن مدينة الناظور، تناول العديد من الجوانب المرتبطة بعلاقته بالكتابة وهدفه منها وبعض المواقف التي عاشها في هذا الصدد وزاوية معالجته لقضايا المنطقة التي يتحدر منها ومشاكل الهجرة وغيرها من المواضيع الماضية والراهنة، التي تناولها الحسن بلعربي، الذي رأى النور في مدينة الناظور وظل وفيا لها ولجذوره رغم أنه جاب آفاقا عديدة. وقال الحسن بلعربي في بداية الحوار الذي أجراه معه رضوان بن شيكار، إنه حصل على الإجازة في الكيمياء من جامعة محمد الخامس في الرباط وعلى الدكتوراه من جامعة ألميريا الإسبانية، التي يشتغل في جامعها أستاذا وباحثا متخصص في الهندسة الكيماوية. وأضاف أنه عضو مراسل في أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات ويرأس جمعية البيئة والتربية ويهتمّ كثيرا بإشكالات التنمية والهجرة، فيما يخطو أولى خطواته في مجال الكتابة الأدبية. وجوابا عن سؤال حول ما يقرأ حاليا وما أفضل كتاب قرأه، قال بلعربي إنه مكبّ حاليا على قراءة “!La Civilisation, ma Mère” للكاتب المغربي الراحل إدريس الشرايبي. بينما قال إن أفضل كتاب قرأه فقال إنه لا أستطيع أن يحدّد كتابا واحدا، إذ هناك الكثير من الكتب القيّمة والجميلة التي كان لها وقع مهمّ عليه. وأكد أن هناك كتبا يتمنى إعادة قراءتها، أبرزها “مائة عام من العزلة” لغابرييل غارسيا مركيز و“موسم الهجرة إلى الشمال” للسوداني الطيب صالح، و”الديدان التي تنحني” للمغربي الراحل محمد زفزاف.

وعن بداياته في الكتابة ودوافعه إليها، أجاب بأنه أنني بدأ الكتابة منذ سن مبكرة، لكنه كان يكتب بطريقة غير منتظمة، مضيفا أنه كان يكتب أشعارا وخواطرَ لكنْ يُتلفها مباشرة بعدما الانتهاء من كتابتها.. وتابع أنه بدأ يكتب بانتظام منذ 2015، ونشر العشرات من مقالات الرّأي والقصص القصيرة. وشدّد على أن الكتابة بالنسبة إليه كانت ولا تزال فضاء للحرية، تسمح له بالغوص في أعماقه واكتشاف كل المشاعر الثائرة داخله.. متبنّيا المقولة التي تفيد بأن الكتابة هي "أكثر الأحضان اتساعا". وحين سُئل عما تمثله له مدينة الناظور وما هي المدينة التي تسكنه ويشدّه حنين إلى أزقتها ودروبها، قال إن الناظور هي المدينة التي رأى فيها النور وهي التي احتضنت طفولتي وجزئا من شبابه، مؤكدا أنها "الأم التي لن يعوضها أحد مهما رحلتُ وارتحلتُ". أما المدينة التي تسكنه ويحنّ إلى التسكع في أزقتها ودروبها فهي مدينة غرناطة، التي عاش فيها أولى سنوات غربته.. واصفا إياها بأنها بمثابة "الفردوس الذي حرمت منه منذ ربع قرن. أحلم كثيرا باحتساء قهوة المساء في شرفة فندق “الحمراء بلاص” وأشاهد غروب الشمس بين جبال “سييرا نيفاذا”، وأتسكع في متنزه الحزانى وفي حي البيازين، مشددا على أنه يعشق غرناطة.


وردا على سؤال حول ما إن كان راضيا عن إنتاجاته، وما هي مشاريعه المقبلة، قال إنه في ما يتعلق بإنتاجاته الأدبية فهو لا يزال في بداية المشوار، إذ أن “بيوت من طين” (الموجودة في مكتبات في إسبانيا وفي دول أمريكا اللاتينية، والتي يمكن اقتناؤها أيضا عبر المتاجر الإلكترونية مثل "أمازون") والتي سيعمل على نشرها أيضا باللغة العربية، هي روايتي الأولى في مجال الإبداع الأدبي، مؤكدا أن له العديد من المشاريع، أولها روايتان ومجموعة قصصية. وعن العمل الذي تمنى أن سكون كاتبه. وما إن كانت له طقوس خاصة للكتابة، فأكد أنه لم يتمنّ أبدا أن يكون صاحبَ عمل ما، لإيمانه بأن الأعمال تحمل في طياتها بصمات أصحابها ويستحيل أن يمتلك بصمة غيره. أما في بالنسبة لطقوس الكتابة ليست له طقوس معينة ويكتب في أي مكان وكلما شعر برغبة في الكتابة، وإن كان يفضل الكتابة في المقاهي، إذ لا يضايقه ضجيج الزبائن أبدا وله القدرة على التركيز في مثل هذه الأماكن.. وعن تقييمه للوضع الثقافي الحالي في المغرب وما إن كان للمبدع والمثقف دور فعليّ ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها، فقال إنه لاحظ أنه هناك في السنوات الأخيرة نهضة ثقافية مهمة، مؤكدا أنه متحمس جدا لهؤلاء "الأبطال" الذين يبدعون رغم الظروف الصّعبة التي تمر بها الثقافة في المغرب، مناشدا أبناء الناظور أن يشجّعوا الثقافة ويحفّزوا الإبداع، فالمثقف الحقيقي في نظره لا يستطيع أن يغرّد خارج السرب، لأنه يستمد قوته وإبداعه من محيطه ولا يستطيع أن يدير ظهره لمن حوله. وعما يعني له العيش في عزلة اجبارية، وربما حرية أقل بسبب الحجر الصحي وما إن كانت العزلة بالنسبة إلى الكاتب قيدا أم حرية، أجاب بأن الأمور كانت صعبة جدا بالنسبة إليه، خصوصا أنه لم تكن هناك عزلة بمعناها الحقيقي، بل كان "سجنا مع الأهل" أو "اعتقالا إجباريا". وتابع أنه إذا كان صحيحا أنّ من طبيعة المبدع أن يقضي أوقاتا طويلة بين الجدران فإن ذلك يكون اختياره في النهاية، وليس ملزما عليه، كما كان الحال خلال فترة الحجر الصحي. وشدّد على أنه استفاد كثيرا من تلك الفترة، إذ قرأ روايات وكتب قصصا قصيرة ومقالات رأي.

وبخصوص روايته الأولى "بيوت من طين"، التي صدرت مؤخرا، ذكّر بأن للزمان والمكان بصمة على كل الإنتاجات الفنية والأدبية، موضحا أنه بدأ كتابة هذه الرواية في ظروف "صعبة"، وكان عليه استعادة طفولته؛ إذ اكتشف أنه ليس إلا ما تبقّى من ذلك الطفل الذي كانه. وتابع أن "بيوت من طين" تحكي قصة طفل وسط بيئة بسيطة، تعلّم منها الكثير وهيّأته ليواجه كل الصعاب التي قابلته في ما بعد، خارج حدود حيه وخارج حدود الوطن الأمّ. ووضّح أن الراوي يغوص في طفولته في حي "عاريض"، لينقل للقارئ الكثير من تفاصيل الحياة اليومية في حيه ومدينته خلال فترة سبعينيات القرن الماضي. كما حرص على تقديم صورة واقعية إلى أبعد حد عن طفولته، إذ لم يكتف برسم المعطيات المتّصلة بذاته وشخصيته، بل رسم تفاصيل حياة معيشية ترجع إلى بداية سبعينيات القرن الماضي وتتصل ببيئته ومجالاتها، الاجتماعية والثقافية والفنية والتربوية والدينية وغيرها. كما أن الراوي في "بيوت من طين" ينقل أحداثا وطرائفَ أثّرت في تكوين شخصيته. وتابع أن مقدّمة الكتاب كتبتها الكاتبة ليلى قروش، التي حازت على عدة جوائز، فيما رسمت لوحةَ الغلاف التشكيلية المتألقة سهام حلي وترجمها الكاتب الموهوب محمد المرابط. وحول ما إن كان الوطن يعيش داخل الكاتب المغترب أم يعيش هو بأحلامه داخل وطنه، قال "الوطن يسكننا أينما رحلنا وارتحلنا.. أنا أؤمن بالمقولة التي مفادها أنه لا يعرف الوطن جيدا إلا من عرف الغربة.. أما عن رأيه في تجربة النشر في وسائل التواصل الاجتماعي، فوضّح
أن له إيجابيات وأيضا سلبيات.. "تصل الى عدد كبير من القراء في زمن قياسي، لكن يجب الانتباه إلى أنها سوق كبيرة يُعرض فيها الجيد وغير الجيد. أما عن جدوى الكتابة الابداعية وما يريد الناس بالضبط من الكاتب المبدع، فأجاب الحسن بلعربي بأن الكتابة الإبداعية توثيق لقضايا الناس، أما ما يريده النّاس من الكاتب فهو أن يكون قريبا منهم، يعبّر عما يخالج صدورهم، من أحاسيس ومخاوف، وأن تكون كتاباته مرآة عاكسة لاهتماماتهم.


---
تعليق جديد






لتصفح الموقع بنسخته الكاملة اضغط على الويب