NadorCity.Com
-
عبد الله بوصوف يكتب.. البحث العلمي وأهميته في مواجهة وباء كورونا
عبد الله بوصوف

يُقال إن الحاجة أم الاختراع...وهـو ما أثبته بالفعل بعض الشباب المغربي من خلال ابتكارات وتطوير بعض الأدوات الطبية وأجهزة التنفس والألبسة الواقية وكمامات...والتي أصبحت عُـملة نادرة في زمن الحجر الصحي بسبب الحرب المعلنة ضد جائحة كورونا..حتى إننا أصبحنا نسمع عن عمليات قرصنة طائرات محملة بتلك التجهيزات الطبية الثمينة.

فـلا يمكننا إنكـار حالة الذهـول ونحن نُـتابع شبابا مغاربة قـاموا بتطوير أجهزة طبية ضرورية لإنقاذ أرواح ضحايا كورونا.


كما لا يُـمكننا إنكـار الشعور بالافتخار بهـؤلاء الـفتية الـمغاربة...لـكن سرعان ما تناسلت الـعديد من الأسئلة من قبيل: هل كـنا سنسمع بهذه الطاقات المغربية خارج ظروف وتداعيات جائحة كورونا؟ وهل هي أول اختراعاتهم أم لهم اختراعات أخرى؟ وأين...وكيف...ومتى...؟.

لــقد تعــودنا على فــوز وتألــق العديد من الشباب المغربي في مسابقات عالمية في مجالات الاختراعات العلمية والتقنية...وسرعان ما نـفـقـد أثـرهم بانضمامهم إلى معاهد ومختبرات بحث عالمية...لـنبكي حضنا بعدها على هجرة الأدمغة والمواهب المغربية إلى الخارج.

ظهور شباب مغربي مخترع وموهوب ليس بخبر عاد أو خاتمة لمسار مهني وتقني، بل هـو إعلان أمل وبـدايـة عهـد جديـد في مجالات تشجيع البحث العلمي ومرافقة الموهوبين والمبدعين الشباب، وأيضا تحيين الترسانة القانونية الخاصة ببراءات الاختراع وتسهيل عمليات الملكيات الفنية والفكرية.

ففي وقت أعلنت أغلب دول العالـم إغلاق الحدود والمعابر تطبيقًا للحجر الصحي، وجـدنـا أنفسنا وجها لوجه في صراع مع عدو قاتل غير مرئي...فأخْـرج كل مِنـا ما لـديـه، ولا نستثني في ذلك أحدا من أبنـاء هذه الأرض الطيبة، بدءًا من رجال السلطة والصحة والتعليم والمرابطين في المزارع والحقول ومراكب الصيد وغيرهم من جمعيات المجتمع المدني...للمساعدة والمساندة والدعم في سيمفونية رائعــة.



لـكـن عندما نتحدث عن الشباب المغربي المخترع والمبدع فإننا نتحدث بلغة المستقبل، أي العلم والمعرفة والبحث العلمي والذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية...ما يعني ضرورة إعطاء مساحات كبيرة للتفكير في تحسين مناخات البحث العلمي والرفع من ميزانيته ورفع جودة تجهيزات المختبرات العلمية، وعقد شراكات مع جامعات ومعاهد عالمية...وجعلها نقاطا مهمة في كل السياسات والبرامج العمومية، وخاصة من طرف لجنة النموذج التنموي الجديد.

وفي المقابل فإنه من الضروري اليوم إعادة التذكير بما يملكه المغرب من طاقات علمية كبيرة في صفوف مغاربة العالم، يمكن الاعتماد عليهم في دعم ومساعدة الطلاب في البحث العلمي وتنشيط المختبرات العلمية المغربية. ويكفي التذكير بالدكتور "منصف محمد السلاوي"، الخبير الدولي في علم المناعة والفيروسات والعضو في اللجنة العلمية بالولايات المتحدة الأمريكية لإيجاد لقاح مضاد لفيروس كوفيد 19...وأيضا شابات وشباب يعكفون في مختبرات مرموقة، كالشابة "سارة بلالي"، وهي دكتورة ومهندسة بحث علمي في مجال الأمراض المعدية والفيروسات إلى جانب البروفيسور Didier Raoult بمدينة مرسيليا الفرنسية.

كما لا يمكننا نسيان الدكتور "جمال عيسى"، الذي يقترن اسمه بالبروفيسور الفرنسي Luc Montagnier العالم بمعهد باستور الباريسي ومكتشف فيروس الإيدز سنة 1983.

لقد أشرنا في أكثر من مناسبة سابقة إلى أسماء قامات علمية وازنة من مغاربة العالم في العديد من التخصصات العلمية المعقدة، خاصة الذكاء الاصطناعي وهندسة الأنظمة الإلكترونية وأيضا مجالات البحث الطبي والمختبرات العلمية...والتي بإمكانها تقديم خدمات كبيرة في سبيل النهوض بمجالات البحث العلمي ورفعه إلى مصاف الدول الكبيرة...نعرف أن المساحة لا تسعنا لكتابة أسماء كل كفاءات مغاربة العالم، لـكننـا سنذكر على سبيل المثال لا الحصر كلا من العالم رشيد يزمي وماجد البوعزاوي وانيس كيراما ومحمد وخديجة أين الحاج واسمهان البووافي وكوثـر حفيظي وغيرهم/ن كثير.

كما أننا أشرنـا، وفي كل تلك المناسبات، إلى ضرورة توفير المناخات الملائمة للعمل والإبداع، سواء من أجل استعـادة الطاقات والكفاءات من مغاربة العالم، أو من أجل الحد من "هجرة الأدمغة" والموهوبين بالمغرب.

فزمن جائحة كورونا لا يجب أن يكون فقط لحظات إحصاء الضحايا والإشادة بالتضامن الاجتماعي والتوعية بأهمية تطبيق الحجر الصحي كإجراء وقائي...بل أيضا محطات تأمل وتفكير عميق في ضرورة إعادة ترتيب أولوياتنا، ومنها إعطاء أولوية كبيرة لمجالات البحث العلمي والكفاءات والموهوبين؛ وهو ما يعني الرفع من ميزانية البحث العلمي وتحسين مناخات العمل والإبداع وتحصين الملكية الفكرية وبراءات الاختراع.


---
تعليق جديد






لتصفح الموقع بنسخته الكاملة اضغط على الويب